الليزر

إن محيطنا اليوم لا يكاد يخلو من أجهزة تحمل في ثناياها مضخم الضوء بالإشعاع المحفز أو اختصارا كلمة ”ليزر”. فهي منابع للضوء، بادي الرأي، ليس إلا. لكن كيف لمنابع ضوء عادية أن تقتحم مجال صناعة النسيج والصناعات المعدنية، لتستعمل في قطع طبقات سميكة وبدقة عالية؟ دعونا نكتشف  إذاَ نبذة تاريخية عن الليزر ومبدأ اشتغاله، لنجرد في موضوع لاحق أبرز تطبيقاته.

إعداد: علي ابن بوبكر/ التدقيق اللغوي: رشيد لعناني

MyLasers15.jpg

            كغيره من الابتكارات، الليزر حصيلة مجموعة من المجهودات منحت غالبيتها أصحابها جوائز “نوبل”. لنقم بداية بجولة صغيرة حول أهم المجريات التاريخية لليزر.

  • ففي سنة 1917 ذكر “ألبرت أينشتاين Albert Einstein” ضمن سلسة أبحاثه في ميكانيكا الكم [1] أن الذرة عند رشقها بفوتون [2] يحمل طاقة كافية تنتقل إلكتروناتها إلى مستويات طاقية [3] أعلى، فتصبح ذرةً مثارةً. وعندما تعود إلى وضعها الأصلي تبعث فوتونا جديداً، وهذا ما يسمى ب ”الإشعاع المحفَّز”.

  • وفي سنة 1949 توصل الفرنسي “ألفرد كاستلرAlfred Kastler ” إلى تقنية تدعى “مضخة ضوئية” تمكن من إثارة الذرة بواسطة الضوء أي نقل إلكتروناتها من توزيعها المتوازن إلى مستويات طاقية أعلى. POPULATION

  • بعد ذلك بخمس سنوات ، قام  “تشارلز تاونز  Charles Townes” بتصميم ال “مازر ” وهو تمهيد لليزر المعروف اليوم، يعتمد نفس التقنية إلا أنه لا يبعث إلا الموجات الصِّغرية (أو موجات الميكروويف).

  • في سنة 1960 يصمم “ثيودور مايمان Theodore Maiman” أول ليزر متكامل باستخدام حجر الياقوت الصلب. وبعده صُمِّم نوع ثان من الليزر باستخدام غازي ”النيون والهيليوم” على يد “علي جافان و ويليام بينيت Ali javan & William R.Bennett”. ثم يأتي الدور على السوائل سنة 1966 على يد “بيتر سوروكينPeter Sorokin “. ومن السوائل انتقل الاهتمام إلى ليزر بأشباه الموصلات(semi-Conducteurs) و ليزر الإلكترونات الحرة.

  • 1969: أول قياس للمسافة بين الأرض والقمر بواسطة ليزر الياقوت.

  • 1975: اختراع أول طابعة ليزر.

  • 1984: تطوير أول ليزر بالأشعة X  [4] وابتكار الأقراص المدمجة.

  • 1995: أول استعمال لليزر في الطب البصري لعلاج قصر البصر.

  • 2003: ظهور الليزر الأزرق وبالتالي آلية تخزين جديدة بنفس أبعاد القرص المدمج بسعة أكبر (4.7Go فأكثر).

مبدأ اشتغال الليزر :

principe.png

            عندما تمتص ذرة فوتونا فإن أحد إلكتروناتها ينتقل إلى مستوى طاقي أعلى فتصبح الذرة بذلك “مثارةً”، ولأنها تبحث عن الاستقرار، تعود هذه الذرة إلى حالتها الأصلية (أي يعود الإلكترون إلى مداره الطبيعي حول النواة) فتبعث حينئذ فوتوناً جديداً.

فإذا كان الفوتون الأول يحمل طاقة كافية لنقل الإلكترون بين المستويين الطاقيين (والتي تعادل فرق طاقتي المستويين)، فإن الفوتون المنبعث من الذرة بدوره يحمل نفس الكمية من الطاقة (حيث تخسر الذرة عندها فرق الطاقة بين المستويين أيضاً). علاوة على ذلك، فإن الذرة تبعث الفوتون الجديد في نفس اتجاه الأول وبتوافق معه في الطور استناداً إلى تقنية “المرنان” التي قُدمت من قبل “بيرو وفابري Perot & Fabry” حيث يتم فرض شروط معينة على موجة منتقلة بين مرآتين تمكِّن من مطابقة الشعاع وطرفه الوارد فيصبحان موجة واحدة بوسع أكبر (مجموع الوسعين). فنحصل في نهاية المطاف على فوتونين منطبقين تماماً.

وبتكرار العملية بين نظام المرآتين نحصل على حزمة من الفوتونات بنفس المميزات، كثيفة كفايةً لاجتياز المرآة النصف شفافة. ومن ثم انبعاث الضوء من الليزر.  [ فيديو ]

مميزات ضوء الليزر: 

موجات قابلة للتراكب زمانيا ومكانيا (لقطع مسافات أطول مع الحفاظ على المميزات)

 ضوء منتشر في اتجاه محدد (أشعة متوازية بدقة عالية)

 

  

ضوء أحادي اللون(نفس طول الموجة)

أنواع الليزر :

  • يمكن تصنيف أنواع الليزر حسب خاصيات عدة، مادة الوسط المثير مثلاً:

  • ليزر البلور أو الزجاج وهو أول نوع اختُرع، ويعد التيتانيوم الأكثر استعمالا لهذا الغرض اليوم.

  • ليزر السوائل الملونة وهي عبارة عن محاليل أيونية لمواد معينة.

  • ليزر الغازات، ويعد ليزر النيون-الهيليوم ذو اللون الأحمر الأكثر استعمالا.

  • ليزر شبه الموصلات، وهي الأكثر استعمالا في الصناعة لكونها تخلق علاقة مباشرة بين التيار الكهربائي والضوء وبمردود جيد (30% /40%)، ولأن تكلفتها معقولة مقارنة مع الأصناف الأخرى.

  • ليزر الليف، وهو يحوي ليفا بصريا كوسط مضخِّم، محشو بأحد المواد “الأرضية النادرة”.

  • ليزر الإلكترونات الحرة، وهو نوع من الليزر يختلف نوعاً ما عما ذُكر أعلاه.

          يمكن أيضا تصنيف أنواع الليزر حسب درجة خطورتها، ونميز هنا بين الأقسام 1, 1M, 2, 2M, 3A, 3B, 4 مرتبة من الأخطر (4) ويستعمل في الصناعات الثقيلة، إلى الأقل خطورة (1) الساري الاستعمال في قارئ الأقراص المدمجة وغيرها من الأجهزة.

ميكانيك الكم [1]: هي مجموعة من النظريات الفزيائية ظهرت في القرن العشرين، تفسر الظواهر الذرية وما دون الذرية.وتشمل أيضا الميكانيكا الكلاسيكية. ويصطلح ‘كم’ على أصغر كمية من الطاقة يمكن تبادلها بين الجسيمات. يعتمد هذا الفرع من الفيزياء بشكل جوهري ازدواجية المادة والطاقة (أو الكتلة والطاقة)، وكون هذه الأخيرة تنبعث بشكل منقطع من الجسيمات لا بشكل مستمر كما ساد في الميكانيكا الكلاسيكية.

الفوتون[2]: الجسيم الأولي الحامل للقوة الكهرومغناطيسية في كل أشكال الإشعاع المغناطيسي، يتميز باختزانه لكم من الطاقة وانعدام كتلته الساكنة. تطور علي يد ألبرت أينشتاين ليزيح التصور التقليدي للإشعاعات الضوئية ويتماشى مع معطيات الفيزياء الكمية.

المستويات الطاقية [3]: في نموذج الفيزياء الكمية تتوزع طاقة الذرة في مستويات (مدارات) تشغلها الإلكترونات، تبعد عن النواة بمسافات مختلفة، مما يحدث تبايناً في قوى التأثير البيني بين النواة والإلكترون.

 

LASER: Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation تضخيم الضوء بالإشعاع المحفَّز

MASER: Microwaves Amplification by Stimulated Emission of Radiation

 

المصادر: 1  2