العلاج الوراثي يقضي على مرض وراثي نادر

تمكن فريق يتكون من باحثين فرنسيين وإنجليز من إثبات فعّالية العلاج الوراثي ضدّ مرض مناعيّ نادر يدعى “مُتَلاَزِمَةُ فيسكوت-آلدريك”. وقد عُولج من هذا المرض ستة أطفال من أصل سبعة وحالتهم الصحية الآن في تحسن مستمر.

 إعــداد: حـورية الوهـابي/ مراجعة مصطفى فاتحي

medecine

 مُتَلاَزِمَةُ فيسكوت-آلدريك هي مرض مناعيّ نادر و خطير ذو أصل وراثيّ، إذْ أنّه مرتبط بالصبغي الجنسي X، و تُقدّر نسبة انتشاره في العالم بحوالي 1/250000  . و هو ناتج عن طفرات في المورّثة الرّامزة للبروتين “WAS” الذي تُنتجه الخلايا الجذعية المكوّنة للدّم، المسؤولة عن إنتاج الكُريات الحمراء و البيضاء و الصّفائح الدّموية.

هذا المرض يُصيب أساساً الذكور، من بين أعراضه: التهابات حادّة و متكرّرة، الإكزيما الحادّة، كما يمكن أن يؤدّي في بعض الحالات إلى أمراض المناعة الذاتية و تطور الخلايا السرطانية.

العلاج الوحيد له حالياً هو زرع النخاع العظمي للمريض، و يتطلب ذلك وجود مُتبرع متوافق نسيجيا، تفادياً لمضاعفات خطيرة.

و قد تمكّن فريق من باحثين تابعين لمراكز صحية وجامعات معروفة بكل من فرنسا و بريطانيا، من إثبات نجاعة العلاج الوراثي ضد متلازمة فيسكوت-آلدريك، فقد عولج ستة أطفال من أصل سبعة من هذا المرض وحالتهم الصحية الآن في تحسن مستمر، وقد نشرت نتائج هذا البحث مؤخراً في دورية الجمعية الطّبية الأمريكية.

يعتمد العلاج على أخذ عيّنات من الخلايا الجذعية للدّم الحاملة للشذوذ الوراثي ثُم تعديلها وراثياً في المختبر عن طريق استبدال المورثة WAS الشاذة بأخرى سليمة، و ذلك بمساعدة فيروس غير مُمرض، يكمن دوره في نقل المورثة السليمة للخلية الجذعية. بعد ذلك تُحقن الخلايا السليمة المعدلة وراثياً للمرضى الذين عُولجوا مسبقاً بالعلاج الكيميائي، بهدف حذف خلايا المناعة الذاتية بالإضافة للخلايا الجذعية للدم قصد تعويضها بأخرى معدّلة. هذه الأخيرة ستقوم بعد ذلك بإنتاج مختلف أنواع الخلايا الدموية السليمة عند المريض المعالج.

و قد كشفت التشخيصات السريرية للمرضى المعالجين تحسناً واضحاً في صحّتهم، حيث اختفت لديهم جميعاَ أعراض الالتهابات و الإكزيما الحادّة، و اختفى التهاب المفاصل نهائياً عند أحد المرضى، كما لوحظ تحسّناً كبيراً لدى أحد المرضى الذي كان يُعاني من التهاب في الأوعية الدموية في أطرافه السفلية، الشيء الذي كان يمنعه من التحرّك. وقد كان قادراً على العودة إلى نشاطه البدني العادي جرّاء العلاج الوراثي الذي اتّبعه، غير أنّ نسبة الصفائح الدموية المعدّلة لديهم اختلفت من مريض لآخر.

 وتقول مارينا كافازانا و سليمة حسين بك، المسؤولتان عن هذا الإنجاز، أنّ هذا البحث يُمثل تقدماً جدُّ مهمّ في مجال العلاج الوراثي، لأنه مكّن من علاج مرض معقدّ يصيب أغلبية الخلايا الدموية وعواقبه خطيرة جداً.

كما أنّ هذا العمل الرائع سيفتح الآفاق للباحثين من أجل إجراء تجارب أخرى حول العلاج الوراثي لأمارض وراثية نادرة مرتبطة بالجهاز المناعي والدّم والعضلات ومشاكل النظر والكبد…

المصدر:  JAMA ،la croix